عدسة الرحمة

مضى أكثر من عام على نشأة مدونتي هذه دون نشر أي نص، عامًا كاملاً في إنتظار ولادة نصّ ساحر يليق بمستوى رضاي عن ذاتي وقلمي.

لم أظنَّ يومًا أن أكتب في مساءٍ كهذا المساء، تنساب الكلمات من أطراف أصابعي في مساء السبت، بعد عودتي من دوام السبت، تتفجّر كلماتي الحبيسة لعام من داخل عقلي دون توقّف وكأنها إحدى آثار الحمّى التي ألمّت بي مُنذ يومين، أكتب بقائمة مهام أسبوعية مُتعثّرة بسبب المرض واختبار لم أدرس له بعد.

لطالما وددتُّ أن أكتب نصّي الأول في أكثر أيامي صفاءًا، وها أنا أكتبه في أشدّ أيام السنة بأسًا عليّ، أكتب كإحتياج طارئ، كمهدئ ليهدأ الجسم وتسكُن النفس.

عرجتُ إلى سنة ٢٠٢٤ بعد أن سمّرت فوق مصراعيها عنوان (الرحمــة)، عزمت أن أرى جميع أحداثها ومواقفها وأشخاصها بعينين رحيمتين، فصرتُ أرى من خلف الأحداث والكلمات واللفتات ما يجعلني أكثر رِفقًا قولاً وفكرًا وفعلاً.

تلّمست جوانب الرحمة في أقداري المكتوبة فشعرت بمعيّة الله تلفُّني، وارتأيت في هفوات من حولي جوانبًا مظلمة تجهلها معرفتي بهم، وصببتُ في أيامي وخططي العرجاء حنانًا خالصًا جعلني استريح متى تَعبتُ، وأقف متى تعثّرتُ، وأبكي حينما اتألم، وأضحك عندما -تتشربك- الأمور بطريقة عجيبة وصادمة.

إن إيقاف جميع المهام اليوم بصورة عاجلة والجلوس أمام المكتب دون إكتراث لكلِ ما يحدث حولي والفرار إلى الكتابة، ليس إلا فعلاً رحيمًا بي ومثال بسيط لتقديم الرحمة وسكبها على أيام ثقيلة كهذه.

يزورني شعور أن هذه العدسة لم توضع نُصبَ عينيّ إلا بعد عامًا كاملاً قضيته في عملي بين حالات الأورام، حقيقةً لا أعلم، ولكن ما أدركه تمامًا أن ما نتعرض له بشكل يومي/متكرر يصنع فينا تغيرات تراكمية لا ندركها إلا بعد مرور مُدة زمنية -محترمة-، كجبالٍ تنحتها عوامل التعريّة، يجمّلنا بعضها وبعضها يرينا الجانب الدميم من أرواحنا لندرك مُحال الكمال ونسعى لتهذيب ذواتنا.

قررت أن أفسح المجال لتيار الكلمات المحمومة بالعبور حتّى أذان العشاء، فـ الله أكبر الله أكبر..

-كُتبَ دون تدقيق وتحرير-

أضف تعليق