ما سيروى عَنك

كُتب على فاصل مفكرتي “إذا أردت لحياتك أن تكون قصة عظيمة، فابدأ في إدراك أنك المؤلف”، قرأتهُ بعُجالة حين سقطَ بين يديّ في المرة الأولى، رددت “كلام إيجابي لذيذ”، ولم أُعر الكلمات تركيزي الكامل، مضت عِدة أيام وكان هذا الفاصل دليلي كُلّما تاهت أصابعي بين صفحات المفكرة، لأجدني في كُل مرة اقرأه بتمعُّن وكأنني أُثني عليه في أداء مهمته الروتينية.

استطاعت العبارة أن تترك أثرًا في صدري بتكرارها في فضاء العقل، أخذت كلمات مارك هولاهان بُعدًا أعمق من أن تكون مُجرّد -كلام إيجابي لذيذ-، بدأتُ التفكير في الرواية التي ستُنقل عني، تذكرت جذوري من النُسوة اللاتي نُقلت إليّ أخبارهن وقصصهن من جدّات العائلة وأُمي والقريبات، لكُلٍ منهن شخصية متفردة وقصة بأحداث وقرارات وأفراح وأتراح مختلفة، وجوه أجهلها تمامًا وربّما أحمل من محياها شبهًا طفيفًا أراه في المرآة كُل يوم ولا أُبصره، تبدأ الجذور بالتلاشي كلّما حاولت الغوص أعمق أفقد التفاصيل ثُم تُفقد القصة تمامًا ولا يبقى سِوى اسمًا يتيمًا، ومن ثُم يُفقد الاسم.

هذا الاقتباس ترك في ذهني تساؤلاً مُلحًا (كيف ستروى قصتي بين فروعٍ مِن دَمي ولن يعرفوا حينها سِوى اسمي وقصتي وبعض الصور -إن كانوا أعظم حظًا مني؟)، لطالما عِشتُ حياةً كاملةً أبنيها أُدرك فيها حتمية الموت وأغفل عن خلود القصة.

 هل فكرنا يومًا بأننا نمضي في هذه الحياة أبطالاً لقصتنا الخاصة؟ هل نراعي في اختياراتنا وقراراتنا ما سيروى عنّا مِن خيرٍ وشر؟

أترك لك دفّة القلم، فاكتب أيها المؤلف قصتك كما تودُ أن تعيش، وكما تَفخر أن تُخلدَ وتروى.

أضف تعليق